dimanche 10 octobre 2010

الشباب والانتقال الديمقراطي

الشباب المغربي والانتقال الديمقراطي
جمال بندحمان
 تقر الكثير من الدراسات بأهمية الشباب في كل عمليات التحول التي تعرفها المجتمعات، فسواء أتعلق الأمر بالتنمية الاقتصادية أم الاجتماعية أم التحول الديمقراطي فإن الكيفية التي يتم بها إدماج الشباب في الموضوع تعد حاسمة في تحديد مدى وجود إرادة حقيقية لتحقيق ذلك. والمغرب الذي أصبح مفهوم الانتقال الديمقراطي جزءا من قاموسه السياسي منذ تسعينيات القرن الماضي جعل الشباب جزءا من منظومة نقاشه العمومي، فقد أكد قانون الأحزاب على ضرورة تخصيص نسبة معينة للشباب، كما تم تخفيض سن التصويت إلى 18سنة بما يسمح للشباب بالمشاركة في كل العمليات الانتخابية الممكنة. وفي الإطار نفسه عرفت دينامية الاشتغال في قضايا الشباب أهمية لدى الفاعلين السياسيين والاجتماعيين والباحثين وهيآت المجتمع المدني، لكن في مقابل هذا الإقرار بأهمية الشباب في كل انتقال ديمقراطي ووجود نصوص تشريعية تفسح المجال أمام المشاركة، نجد أحكاما عامة تؤكد عزوف الشباب عن المساهمة في كل الديناميات التي يعرفها المجتمع، غير أن هذه الأحكام كثيرا ما افتقدت إلى المرجعيات العلمية والدراسات الميدانية، مثل معرفة عدد الشباب المنخرطين في الأحزاب أو الجمعيات أو الذين شاركوا في الاستحقاقات الانتخابية. وأمام هذا الخصاص برزت خلال السنوات الأخيرة دينامية متعددة الأبعاد لاتكتفي بتقديم الأحكام بل تبحث في الأسباب وتحدد كيفيات إدماج الشباب في كل المقاربات التي تتوخى المساهمة في إنجاح الشروط الممكنة لتحصيل انتقال ديمقراطي حقيقي .
هكدا صدرت خلال الفترات الأخيرة تقارير ودراسات ميدانية وأنجزت برامج مدنية تحاول تحديد الأدوار التي يمكن أن يضطلع بها الشباب في سياق حديث عام عن انتقال ديمقراطي ممكن التحقق.فقد صدر تقرير رسمي أنجزه باحثون مغاربة مستقلون وتم تعميمه على نطاق واسع أطلق عليه : تقرير 50 سنة من التنمية البشرية بالمغرب و آفاق 2025 ، تناول قضايا التنمية بالمغرب زضمنها الحديث عن الشباب وأدواره الممكنة، فقد طرح التقرير تساؤلا عميقا هو: هل للمجتمع المغربي  ما يكفي من الثقة في شبابه لكي يستطيع أخد أوراش تنمية البلاد على عاتقه ؟ .
وفي جوابه، اعترف التقرير بالعجز الكبير الذي يسجله المغرب في التعامل مع قضايا شبابه انطلاقا من غياب  معرفة دقيقة بهذه الفئة، وصولا إلى القصور في عملية إدماج الشباب في كل العمليات التنموية،  كما أوصى التقرير بأن على المغرب أن يكون في انسجام مع شبيبته، وأن تتسم سياسة إدماجه بالشمولية وتعدد الأبعاد السياسية والاقتصادية والاجتماعية.
وفي إطار مغاير أشرفت جمعية منتدى المواطنة  على إنجاز برنامج الحوار الشبابي من أجل المغرب الممكن بتعاون مع وكالة التنمية الاجتماعية وبرنامج الأمم المتحدة للتنمية بالمغرب، شارك فيه 1200شابا وشابة، واستمر سنة كاملة أفضت مناقشة ورشاتها إلى مجموعة من الخلاصات الأساسية المتعلقة بمدى مشاركة الشباب في القرار السياسي، وفي تفعيل الديمقراطية ورؤية الشباب الذاتية لكيفية المشاركة في صنع القرار السياسي والاقتصادي، حيث تم التأكيد على ربط  مستقبل المغرب بمدى انخراط الشباب في عملية التنمية. والملاحظ أن الخلاصات التي انتهى إليها الحوار الشبابي تقر بأن مسألة تشبيب الهيآت المدنية والسياسية والاقتصادية مسألة أساسية وهو ما يمثل إحدى المؤاخذات الأساسية على طبيعة المشهد الحزبي والجمعوي، وأن دعم وتأهيل قدرات الحركة الشبابية من خلال الدعم المالي والتكويني والتأطيري والمؤسساتي للمنظمات الشبابية هي العوامل التي يمكن أن تسهل عملية تنظيم الشباب وتأطيره سياسيا، واعتبرت مختلف الآراء الشبابية أن الخيار الديمقراطي وبناء المؤسسات الديمقراطية وترسيخ قيم المواطنة أمور حتمية لبناء المستقبل ونجاح الانتقال الديمقراطي، وأن انخراط الشباب في المسلسل الديمقراطي عبر ولوج المؤسسات والهيآت المنتخبة هو ما يمكن أن يعضد ويعمق فرص نجاح التجربة الديمقراطية.
  ومن ناحية ثانية أكدت خلاصات النقاش الوطني ضرورة تعميق الممارسة الديمقراطية داخل الأجهزة الحزبية و المدنية وفي الفضاءات العامة الأخرى. وألحت كثيرا على ضرورة وضع المزيد من الضمانات من أجل شفافية عمليات الاقتراع في المغرب ومحاربة استعمال المال في شراء الأصوات. وقد تبين من خلال رصد المواقف الشبابية وجود وعي سياسي ورغبة في الاندماج في مسلسل الانتقال الديمقراطي مع التوقف عند الحدود النظرية لذلك مما يعكس نوع التفكير المهيمن لدى الشباب والذي تطبعه في الكثير من المواقف نبرات التشكيك والتردد، ولعل ما يؤكد وجود وعي لدى الشباب بالقضايا الحيوية التي تهم وضع الانتقال الديمقراطي بالمغرب هو النتائج التي وصلت إليها دراسة جد حديثة أنجزها مجموعة من الباحثين حول القيم والممارسات الدينية في المغرب حيث خلصت إلى جملة من النتائج همت تعامل الشباب مع الصلاة والتعبد والإرث وكذا رأيهم في علاقة الدين والسياسة. وقد شملت الدراسة 1156 مواطنا، شكلت نسبة الرجال منهم 47.3 في المائة، والنساء52.7 في المائة، وبلغت نسبة الشباب أقل من 25 سنة 28.3 في المائة.     وقد اعتبرت نسبة 14 في المائة من الشباب أن الدين شأن فردي، وأكد  56،7 في المائة منهم أن شباب اليوم أكثر معرفة بالدين من جيل الشباب السابق، وأكدت الدراسة أن التوجه السياسي أو التدين المسيس يزداد كلما نزلنا في الفئة العمرية من الكبار إلى الشباب، أي أن الشباب المتدين أكثر اهتماما بالقضايا السياسية ، أي بجوهر ما يمكن أن يشكل دعامة أساسية لكل تحول ديمقراطي.
تؤكد العناصر السابقة أهمية إدماج الشباب في كل ما يهم تدبير الشأن السياسي والاقتصادي ضمانا لتحقيق انتقال ديمقراطي ناجح، وأن فتح النقاش العمومي في قضايا الشباب ينبغي أن يتم بلسانه وليس بالوكالة عنه.
       المرصد الديمقراطي، السنة الثالثة ، ع، الثاني ، أبريل 2008

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire