dimanche 10 février 2013

محمد بن الحسن الوزاني


محمد بن الحسن الوزاني

معادلة الديمقراطية والشورى

 

 

أولا:الأسئلة المؤطرة

   ما الذي يمثله الوزاني في تاريخ الفكر السياسي المغربي؟ وما العوامل التي جعلت اسمه غير متداول بالشكل الذي تحقق لبعض مجايليه مثل علال الفاسي؟ هل يمثل الوزاني نموذجا لمفكر ليبرالي منفتح؟ما درجة تطويره للأفكار التي تبناها؟ وهل يشكل حالة إبداعية للمفاهيم والتصورات أم إنه مجرد مكرر لأفكار الآخرين؟

ثانيا:تصنيف فكره السياسي

   صنفت بعض الكتابات فكر الوزاني ضمن الفكر الليبرالي المدافع عن الحرية في معانيها الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والدينية، واعتبرت أن عوامل متعددة ساهمت في تحيد مساره الذي زاوج فيه بين مكونات الفكر الأصيل والفكر العصري، مثلما هو الحال مع دراسته في المدرسة الحرة للعلوم السياسية بسويسرا، أو اطلاعه النسبي على مكونات التراث العربي الإسلامي الذي وصف البعض معرفة الوزاني به بالمحدودة، وغير العميقة.

 وحتى إن صح هذا الحكم فإنه يؤكد أن المفكرين السياسيين في المغرب مضطرين للبحث عن مخارج نظرية تسمح لهم بإيجاد نقط مشتركة مع الثقافة العربية الإسلامية؛ وبمعنى  آخر تأويل المفاهيم والتصورات كي ترسخ وجودها في تربة المجتمع.

ثالثا: قضايا ومواقف

1.    الدستور:

 يعتبر الوزاني الدستور أساسا لتحديد مضمون السلطة السياسية، وضمان السيادة للأمة، وتقييد السلطة السياسية؛ لذلك طالب بوضع دستور للبلاد بعد الاستقلال ، معتبرا أن هذا الأمر سيسمح للبلاد بتجاوز مرحلة اللادستور، ولذلك انتقل من المطالبة بانتخاب مجلس تأسيسي إلى القبول بتشكيل مجلس وطني يمثل كافة اتجاهات الرأي السائدة في المجتمع.

ومن المؤكد أن أفكاره في هذا المجال وظفت مفاهيم تنتمي إلى القاموس السياسي الليبرالي مثل: الشعب، الشرعية الدستورية، الشرعية الديمقراطية ، الحرية...

كما نجد ،في الوقت نفسه، مفاهيم تحيل على الممارسة السياسية العربية الإسلامية مثل الحديث عن الشورى التي ما ثل بينها وبين الديمقراطية .

2.    المنظومة الديمقراطية:

 ركز  الوزاني على ثلاثة مستويات أساسية هي:

-         مستوى المفاهيم: الحرية والديمقراطية وفصل السلط ؛

دافع الوزاني في هذا المستوى عن المبادئ الديمقراطية باعتبارها المرتكز الأساس لتحقيق نظام ديمقراطي  يقوم على الحرية و والمساواة والعدالة الاجتماعية وتجاوز الحكم المطلق، وفي هذا الإطار دافع عن فصل السلط ،ورفض الاستبداد والحكم المطلق

-         مستوى نظام الحكم  المجسد في الملكية الدستورية؛

-         مستوى المشاركة السياسية باعتبارها أداة لتجسيد السيادة الشعبية.

  كتب الوزاني سنة 1956 يقول ( ولقد كان من البديهي أن يعقب إعلان الاستقلال إعلان مغربي لحقوق وحريات الإنسان والمواطن، الأمر الذي لم يكن يتوقف على حل المشاكل المعلقة مع الخارج؛ لأنه أمر داخلي من صميم السيادة المغربية, وجميع الشعوب التي تتحرر وتستقل تسرع إلى إعلان حقوق الإنسان والمواطن مع ضماناتها الشرعية .....)

ضمن هذه الرؤية ناهض الوزاني مبدأ الحزب الوحيد، ودافع عن التعددية الحزبية وصنف نفسه في إطار الديمقراطية الدستورية معتبرا أن معركة التحرر لن تكتمل إلا بالانتصار في معركة الحرية الإنسانية, يقول ( فنحن كنا نخوض بالأمس معركة التحرير ضد الاستعمار. ونخوض اليوم معركة أعظم وأشد هي معركة الحرية الإنسانية والعدالة الاجتماعية والديمقراطية الصحيحة. إن الحكم بدون ديمقراطية استبداد واستعباد وتسخير واستغلال).

 لكن كيف تتحقق الديمقراطية في نظره؟ وما شروطها؟

يحدد الوزاني كل ذلك في:

-         ضرورة الارتكاز على الانتخابات باعتبارها إجراء قانونيا وسياسيا يتمكن من خلاله الشعب من اختيار الحكام الذين يكلفهم بمسؤولية الحكم( النظام التمثيلي )؛

-         اختيار الحكام رهين بشروط مثل النضج السياسي والتربية الوطنية عند الهيئة الناخبة؛

-         صلاح  القوانين الانتخابية وسلامة تطبيقها بما يضمن التعبير عن الإرادة العامة تعبيرا صحيحا؛

-         ربط الديمقراطية بالجانب التطبيقي . يقول ( ...كلما تحدثنا عن الديمقراطية قصدنا لا مجرد النظرية المذهبية، بل الأسلوب العملي، والشكل التطبيقي في ميدان التجربة السياسية ونظام الحكم وتدبير الشؤون العامة ) أي إن الوزاني لايتحدث عن شكل الديمقراطية فقط، بل يؤكد على أهمية فعاليتها .

-         من الملاحظات الأساسية أن الوزاني وظف مصطلح الشورى بكثافة في كتاباته، غير أن الدلالات التي رافقت هذا الاستعمال لم تكن فقهية، ولم تستند إلى الفكر السلفي. وهو ما يعني أنه انشغل كثيرا بتكييف المفاهيم، وإن لم يمتلك العدة النظرية التراثية التي تسمح له بالتعمق في التصور.

3.    الأمة مصدر السلطة:

  محاولة المزاوجة بين إرث الفكر السياسي الإسلامي ومقومات الفكر الغربي ، دفعت الوزاني إلى استحضار التجربة السياسية النبوية، والتجربة الراشدية. يقول (...إن الأمة مضدر السلطة الحاكمة. ...فالرسول لما كف عن تعيين من يخلفه في رئاسة الأمة...إنما دل على أنه يعتبر المسلمين أحق بالنظر في أمر دنياهم ، وما كان عليهم مسيطرا حتى يسبد بتقرير مصيرهم دونهم....)

ضمن هذه المعادلة اعتبر الشورى مقوما أساسيا من مقومات نظام الحكم في الإسلام استنادا إلى:

-         النص القرآني؛

-         التجربة التاريخية التي برزت من خلال ما اعتمده الخلفاء الراشدون؛

-         النصوص الفقهية التي أكدت على التزام الحاكم بهذا الإجراء.

-         يذهب الوزاني أبعد من كل ذلك فيؤكد أن ( الديمقراطية كما أسستها تعاليم الثورة الإسلامية لاتختلف في شيئ عن الديمقراطية العصرية الصحيحة، فعبارة أمرهم شورى بينهم تؤدي نفس المعنى الذي تعبر عنه كلمة الديمقراطية؛ أي حكم الشعب بالشعب، وللشعب ..)

-         لاشك أن هذه المزاوجة ليست محل قبول من طرف جميع المنظرين، ولاشك أيضا أن ما كان يشغل الوزاني هو محاولة التوفيق بين المفاهيم لوعيه بصعوبة ترسيخها، ولوجود من يرفضها في صورتها الحديثة، ومعنى ذلك أن الوزاني لم يكن مجرد ناقل للمفاهيم، بل حاول الفعل فيها بحسب ما مكنته منه معرفته بالثرات .

 

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire