jeudi 30 septembre 2010

المسألة اللغوية بالمغرب والرهانات السياسية

المسألة اللغوية بالمغرب والرهانات السياسية

رشيد الإدريسي
الإنصاف والمزايدة
لا أحد ينكر أن الملف الثقافي واللغوي عرف الكثير من الإجراءات الإيجابية من طرف العاهل المغربي محمد السادس منذ بداية العهد الجديد، وقد تجسدت هذه الإجراءات في ظهير أجدير الذي ركز على تعدد مكونات الثقافة المغربية والذي أنشئ بموجبه المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية، إضافة إلى إدخال تعليم الأمازيغية إلى المنظومة التعليمية وتوسيع فترات بث البرامج الناطقة بالأمازيغية في وسائل الإعلام الوطنية، والمصادقة على إنشاء قناة أمازيغية سترى النور في الأيام القليلة المقبلة, هذا دون الحديث عن مبادرات أخرى ممثلة في دعم الإنتاج المسرحي والإبداع المكتوب بمختلف أشكاله. كل هذه المبادرات لا يملك المرء إلا أن يثمنها باعتبارها تولي الاهتمام اللازم لأحد مكونات ثقافتنا المغربية الأساسية.
لكن الملاحظ أنه على الضفة الأخرى مجسدة في بعض الجمعيات التي تتخذ الأمازيغية غطاء إيديولوجيا لها، نلاحظ عدم الاكتراث بكل ما تحقق والإصرار على رفع سقف المطالب لتحويلها أحيانا إلى نوع من المزايدات والعداء السافر والخفي للمكونات المغربية الأخرى. وقد اتخذت هذه المزايدات شكل مذكرات مطلبية يتم رفعها للملك بمناسبة وبغير مناسبة. وكثرة هذه المذكرات والوثيرة التي ترفع بها، قد يُفهَمُ منها الرغبة في إحراج الملك وتمرير المطلب دون إخضاعه للنقاش حتى لا يُفضح ما ينطوي عليه،  في الكثير من الحالات، من أفكار طائفية وعرقية، بينما المسار الأسلم هو طرحها للنقاش في الفضاء العمومي وتقليبها على مختلف وجوهها بهدف مراعاة مصلحة المغرب والمغاربة جميعا، بدل الحديث عن جزء من المغاربة في مواجهة جزء آخر والتمكين لثقافة الكراهية والحقد التي ينطوي عليها خطاب الكثير من الجمعيات.
المذكرات المطلبية وقلب الحقائق
وإستراتيجية المذكرات المطلبية لا تقتصر فقط على الجمعيات وحدها، بل تطال المؤسسات الرسمية، وعلى رأسها المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية الذي رفع السنة الماضية توصية إلى الملك قصد جعل ما يسميه فاتح "السنة الأمازيغية" عيدا وطنيا، وذلك على الرغم من أن المغاربة لم يسبق لهم أن عرفوا هذا الاسم إلا مع الاستعمار الفرنسي، الذي رغبة منه في التجزئة، حَرَّف تسمية السنة الفلاحية وحولها إلى سنة "أمازيغية" ليؤكد من خلال ذلك أن الفتح الإسلامي وتقويمه الهجري، حدث ثانوي في التاريخ المغربي، ولينتهي بواسطة سياسته البربرية المتكاملة إلى صنع شعبين، شعب يحتفل بسنة وهمية تسمى السنة الأمازيغية، وآخر يحتفل بالسنة الهجرية، وذلك في إطار سياسته الهادفة إلى التقليص من حيز المشتركات الوطنية وتضخيم التمايزات بين المغاربة
وآخر مبادرة من هذا النوع هو ما تنوي القيام به إحدى الجمعيات التي اعتادت هذا الشكل من الفعل "النضالي"، والمتعلقة هذه المرة بمطالبة العاهل المغربي بدسترة الأمازيغية وترسيمها على قدم المساواة مع اللغة العربية، أو بتعبير أصح ترسيمها قبل اللغة العربية. والمبادرة تشرف عليها "الجمعية المغربية للبحث والتبادل الثقافي" وهي تحمل اسم "مشروع مذكرة مطلبية من أجل ترسيم الأمازيغية في الدستور". وقد سبق لنا أن ناقشنا الموضوع في أكثر من مناسبة، وبينا أن ترسيم الأمازيغية يلزمه أن يكون بالجمع أي الأمازيغيات لأننا في المغرب أمام تعبيرات عدة تامازيغت تاريفيت تاشلحيت، وأن الدسترة يلزم أن تشير إلى أن هذه اللغات أو التعبيرات بوصفها لغات وطنية جهوية؛ وطنية بمعنى أنها مِلْك لجميع المغاربة ويلزم الاعتناء بها من طرف الجميع، وجهوية بمعنى أن بعضها يتم التواصل به في جهة من المغرب دون الجهات الأخرى، وبالتالي فإن دسترتها بمعنى الإشارة إليها في الدستور بهذه الصفة، أمر مقبول، على عكس عملية  الترسيم  التي هي أمر غير ممكن لاعتبارات عدة.
واستحالة هذا المطلب، ترجع إلى أنه ليست هناك لغة أمازيغية أصلا، بل نحن إزاء لغات عدة، فأي منها سنُرَسّم؟ قد يقال بأن المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية يتولى مهمة توحيد هذه اللغات، وهذه الحجة تلغي مطلب الترسيم من أساسه، لأننا في هذه الحالة سنقوم بترسيم لغة لا وجود لها على ألسنة المواطنين، لغة المختبر التي يشتغل عليها المعهد الملكي. وهي لغة كما تم الإعلان عن ذلك، تخضع لعملية تطهير من الألفاظ العربية وتعويضها بألفاظ طوارق النيجر وغيرهم. ثم إن الترسيم كما يطالب به هؤلاء الملك، يخفي نوعا من الحيف في حق مكونات المغرب اللغوية الأخرى، وعلى رأسها الحسانية التي هي بدورها لها معجمها وتراثها المهمش الذي لم ُيبذل أي جهد يذكر لجمعه وتدوينه والحفاظ عليه، هذا على الرغم من أن الحيثيات السياسية تفرض ذلك وتجعله أمرا مستعجلا. مطلب الترسيم إذن هو عمليا مطلب مستحيل،  فاللغة القادرة على الوفاء به إلى حدود الآن هي العربية، وإن كانت اللغة المرسمة عمليا هي اللغة الفرنسية المسيطرة على الاقتصاد والإعلام والإدارات...
المذكرة بين المرجعيات والأهداف
ما الذي أتت به من جديد، المذكرة التي يراد رفعها إلى الملك والداعية إلى الترسيم؟ لا شيء سوى أنها اعتمدت  لغة لم نألفها من قبل في المذكرات السابقة. فهذه المرة يتم الحديث مباشرة، ليس عن الأمازيغية كثقافة ولغة، بل يتم الحديث عن الأمازيغ وليس الحديث عن المغاربة، وكأننا في دولة طائفية يفصل بين مكوناتها حدود دموية كتلك التي تحدث عنها صامويل هونتينجتون في صراع الحضارات. ففي حديث أصحاب المذكرة عن المرجعية التاريخية التي تهب المشروعية لهذا المطلب، يؤكدون ما يلي، والكلام موجه للملك: " كل الأدلة العلمية تؤكد أن الأمازيغ ظهروا على مسرح التاريخ آلاف السنين قبل الميلاد. كما تؤكد أن لحضارتهم فوق هذه الأرض مميزاتها الخاصة، على المستوى اللغوي أو الاجتماعي أو الثقافي، ميزتها عن باقي حضارات الحوض المتوسطي القديم، الذي كان مركز العالم آنذاك". والمتأمل في هذا الكلام يلاحظ أن أصحابه يخلطون الماضي بالحاضر ويلغون أربعة عشر قرنا من التاريخ منذ دخول الإسلام إلى المغرب، ويتحدثون عن الحاضر من خلال الماضي بهدف تمرير مطلبهم اللاعقلاني، وكأن  المغرب ما زال كما كان منذ آلاف السنين، ولذلك فهم يتحدثون عن حضارة الأمازيغ المتميزة عن حضارات الحوض المتوسطي التي من بينها الحضارة العربية الإسلامية التي يعتبر المغاربة ممن ساهموا في بنائها, فهذا النوع من التعبير يخفي إذن الرغبة في إخراج المغرب من حيز الحضارة العربية الإسلامية، أو هو يكشف عن ميل إلى كتابة للتاريخ تعتمد الصفاء العرقي والنظرة العنصرية تجاه المكونات الأخرى.
وبعد إشارة المذكرة إلى المرجعيات المتمثلة في المرجعية الحقوقية والمؤسساتية وتحديد الأهداف التي يراد تحقيقها، وهي كلها عناصر يمكن مناقشتها نقطة نقطة وتبيان هشاشتها وتناقضها الصريح مع المنطلقات الحقوقية، يصل أصحاب المذكرة إلى بيت القصيد مجسدا في المقترحات، والتي يصوغونها على الشكل التالي: " بناء على المنطلقات السابقة، وسعيا وراء تحقيق الأهداف المسطرة أعلاه، فإن الجمعيات الأمازيغية والمنظمات المهتمة بالشأن الحقوقي المتشبثة بوحدة المغرب في تعدده والحريصة على وحدة اللغة الأمازيغية بمختلف فروعها، تعرض على أنظار جلالتكم مقترح تعديلات تخص ديباجة الدستور والباب المحتمل إضافته في شأن التنظيم الجهوي الجديد للمملكة، بالتنصيص في التصدير على ترسيم اللغة الأمازيغية إلى جانب اللغة العربية والتركيز على أبعاد الهوية المغربية وفق الصيغة المقترحة التالية "المملكة المغربية دولة إسلامية ذات سيادة كاملة، لغتاها الرسميتان هما اللغة الأمازيغية واللغة العربية، وهي جزء من اتحاد المغرب الكبير".
الوحدة التي تخفي نقيضها
قبل تقديم الاقتراح الأكثر إنصافا للمغرب وللمغاربة جميعا، ومن أجل الابتعاد عما سماه عبد الله العروي بالسندروم البلجيكي الذي يتهدد المغرب بفعل العداء الذي يظهره النزوعيون ومتطرفو الأمازيغية تجاه اللغة العربية، فإننا نسجل بعض الملاحظات على هذا المقترح المختل. فهناك أولا حديث عن وحدة المغرب في تعدده؛ أي الإبقاء على كل المكونات الثقافية واللغوية المغربية والاعتناء بها دون التفريط في وحدة المغرب، وهذه قضية تؤكد عليها كل الدول التي تخضع خططها الثقافية للعقل والترشيد، لكن مباشرة بعد ذلك يورد أصحاب المذكرة الحرص على وحدة اللغة الأمازيغية، وفي ذلك تناقض صارخ مع الحديث عن التعدد الذي يستلزم الإبقاء على الأمازيغية متعددة وليست موحدة، لأن التوحد معناه القضاء على مختلف التعبيرات الريفية والشلحية والزيانية وتعويض الكل بلغة ينتجها المختبر ويصبح على الجميع التخلي عن خصوصياته وتعلمها من جديد، وهذا أمر مقبول في الدول التي يراد إنشاؤها من الصفر كما هو الشأن بالنسبة لإسرائيل مثلا التي "طالبت" اليهود المُهَجَرين من مختلف الدول الأخرى أن ينسوا لغاتهم وخصوصياتهم وأن يتبنوا اللغة العبرية الحديثة التي وضع أسسها أليعازر بن يهودا.
 وما يعرفه الجميع هو أن المغرب دولة عريقة، والوحدة التي يتم التنصيص عليها هنا تَضْمَنُها اللغة العربية، وضمنتها مع مختلف الدول التي تعاقبت على حكم المغرب بما فيها الدول التي لا يشك أحد في أمازيغيتها، والتي لا نجد أي نص تاريخي يشير إلى أنها كانت تتعامل مع العربية بوصفها لغة أجنبية، بل على العكس من ذلك، كانوا يعتبرونها لغتهم قبل كل اللغات. فهذا المطلب إذن هو دعوة إلى البداية من الصفر، وكأننا أمة لا تاريخ لها ومن الواجب علينا صنع لغة جديدة توحدنا، وهو ما يكشف عنه القول التالي:  "فإن الجمعيات الأمازيغية والمنظمات المهتمة بالشأن الحقوقي المتشبثة بوحدة المغرب في تعدده والحريصة على وحدة اللغة الأمازيغية بمختلف فروعها"، فهذا التعبير الوارد في هذه المذكرة المطلبية المرفوعة للملك، أشبه بالخط الأحمر، إذ يقرن وحدة المغرب بوحدة الأمازيغية. والواقع خلاف ذلك فالمغرب واحد وموحد والأمازيغية متعددة متنوعة، والمغرب سيبقى موحدا حتى لو ظلت الأمازيغية متعددة لأن في تعددها انسجام مع التاريخ والواقع و مع منطق حقوق الإنسان الذي تدعي هذه الجمعيات احترامه بينما هي أول من يخرقه.
والتأكيد على وحدة المغرب في هذا السياق يخفي عكس الوحدة تماما، وذلك لأن أصحاب الرسالة يعرفون أن ترسيم لغتين، سيفتح باب التعصب والصراع، وهذا ما وقع في كندا عند اعتمادها للثنائية الثقافية، مما ترتب عنه صراع قاتل، فاضطرت كندا إلى تجاوز هذه الثنائية والخروج من الورطة التي أوقعت نفسها فيها باعتماد التعدد الثقافي والتأكيد عليه رسميا. فالحديث عن الوحدة هنا أشبه بحصان طروادة الذي يراد بواسطته تنفيذ الخطة دون إثارة الشكوك، وكأن الذي كتب المذكرة، كان يعي ذلك جيدا فاعتمد قاعدة ميكيافيلية يمكن صياغتها على الشكل التالي :"أعط الآخر ما يريد قولا لتحصل على ما تريد فعلا"، فالوحدة هنا مجرد قول وشعار لا أكثر، بينما ما قد ينتج عمليا عن هذا الإجراء الدستوري قد يؤدي إلى عكس الشعار المرفوع.
ترسيم الوهم وشَيْطَنَة "العربي"
ونصل الآن إلى المطلب الأساسي والمقترح على جلالة الملك تبنيه من طرف الجمعية المغربية، وقد تم إيراده وفق الصيغة التالية "المملكة المغربية دولة إسلامية ذات سيادة كاملة، لغتاها الرسميتان هما اللغة الأمازيغية واللغة العربية، وهي جزء من اتحاد المغرب الكبير". الغريب في هذا الاقتراح أن المذكرة المطلبية منذ أن بدأها أصحابها وهم يتحدثون عن الحقوق والتعدد والترسيم والتسامح والتدبير المعقلن، وهنا عند أول امتحان يعلنون عن فشلهم وتناقضهم مع منطلقاتهم المعلنة. فهم يقترحون اعتبار المغرب جزء من اتحاد المغرب الكبير؛ أي أنهم يقترحون نزع كلمة عربي التي ارتبطت باتحاد المغرب وتعويضها بلفظ كبير الفارغ من أي معنى، وهذا وحده يكفي لوضع اليد على الرؤية العنصرية التي تحكم هذا التصور، فهل نسي هؤلاء أن نعت عربي تم الاتفاق عليه من طرف مختلف قيادات دول المغرب العربي، وأنه معتمد بشكل رسمي، هل نسوا أن المغرب عضو في جامعة الدول العربية وفي غيرها من عشرات المنظمات والهيئات الحاملة لهذا النعت؟ إن هذا المقترح كاف وحده للكشف عن العداء الذي يكنه هؤلاء لأحد مكونات الهوية المغربية المتمثل في العربية لغة وثقافة وحضارة، كما أنه يكشف عن تصورهم للمغرب وكأنه أرض فارغة بلا تاريخ بلا مؤسسات وبلا ثوابت، أرض يبحث أصحابها عن مقومات لتأسيس دولة لا وجود لها.دولة في حاجة إلى لغة جديدة وتقويم جديد وعَلَم جديد وأبجدية جديدة وأعداء جدد هم العرب وكل ما يرتبط بهم.
إن هذا المطلب المتهافت، يكشف عن رؤية صدامية بين مكونات المغرب؛ حيث ينطلق من مسلمة مؤداها أنه "لا يمكن أن أوجد إلا إذا ألغيتك"، كما أنه يؤسس للمحاصصة على الطريقة العراقية، عربي ضد أمازيغي، ويعطي الأولوية للغة الأمازيغية على اللغة العربية المرسمة منذ قرون عُرْفا، وللأعراف قيمة لدى أصحاب المذكرة، فهم يطالبون الملك بالتنصيص في الدستور على مراعاة الأعراف المحلية. هذا مع أن الأمازيغية بالمفرد،، كما أكدنا لا وجود لها لحد الآن، بينما العربية موجودة ومعتمدة في أغلب الهيئات الدولية، فهل يعقل أن تعطى الأولوية للغائب على الشاهد؟ إن هذا المطلب بصيغته هذه غير عادل تماما وشديد التهافت، لأنه يقابل اللغة العربية بالأمازيغية أو الأمازيغيات، وهذا في حد ذاته نوع من المغالطة، ذلك أن اللغة العربية ليست هي المعادل الموضوعي للأمازيغية، بل معادلُها الحقيقي هي الدارجة المغربية التي يتواصل بها جزء كبير من المغاربة. والمقابلة بين الأمازيغيات والدوارج المغربية أمر مقبول، على اعتبار أنها لغات تشترك في خصائص لا نجدها في العربية الفصيحة المرسمة؛ فهي لغات يُتَحَدث بها في جهات من المغرب دون غيرها، وهي في الأصل لغات شفهية، وهي كذلك لغات الأم لكل المغاربة حسب مكان تواجدهم؛ أي أنها هي اللغات التي يتعلمها المرء في السنوات الأولى من تحصيله اللغوي ويتواصل بها في حياته اليومية. أما اللغة العربية الفصحية فهي تعلو عن الجهة وعن العرق وتحظى بوضع اعتباري لدى الجميع، وقد اعتمدت عرفيا لغة رسمية منذ دخول الإسلام إلى المغرب، وذلك من طرف كل الدول المغربية، وهي لغة قوية معتمدة في الأمم المتحدة وفي أكثر من منظمة دولية أخرى، وهي تسمح بالتواصل مع مختلف دول اتحاد المغرب والعالم العربي بأقل تكلفة وأقل جهد، كما أنها لغة تضمن الأمن الروحي والأمن الاجتماعي والسياسي للمغاربة جميعا، يؤهلها للقيام بكل هذه الأدوار وغيرها، تراثها الضخم ممثلا في آلاف المعاجم والكتب التي تراكمت على مر التاريخ.   
بناء على هذه الحقائق وغيرها، فإن الصيغة المثلى لما يجب إدراجه في ديباجة الدستور، بعيدا عن كل تحيز ومراعاة للإنصاف والعدل هي الصيغة التالية: "المملكة المغربية دولة إسلامية ذات سيادة كاملة، لغاتها الوطنية هي الأمازيغية بتعبيراتها المتنوعة (تاريفيت، تامازيغت، تاشلحيت) والحسانية والدوارج المغربية، ولغتها الرسمية هي اللغة العربية، وهي جزء من اتحاد المغرب العربي". ونختم بما قلناه في مقال سابق: إنه لو كانت لغة الدستور الرسمية هي إحدى اللغات المغربية المرتبطة بجهة أو فئة أو قبيلة ما، لكان من حق من شاء أن يطالب بترسيم أي من اللغات المغربية الأخرى، أما وأن الأمر غير ذلك، فيتحتم الإبقاء على اللغة العربية الفصيحة لغة رسمية لكل المغاربة، مع التنصيص على وطنية كل اللغات الأخرى دون استثناء. والدساتير العالمية التي تنص على لغة رسمية واحدة، لا تعارض حقوق الإنسان في شيء، بل على العكس من ذلك، هذا ما نجده معتمدا من طرف الكثير من الديمقراطيات الكبرى.
المصدر: أسبوعية الأيام ، ع392، 18-24 شتنبر 2009


Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire