jeudi 30 septembre 2010

حرية الصحافة بالمغرب:

حرية الصحافة بالمغرب:
           مفارقات التراكم وأخلاقيات   الممارسة
جمال بندحمان
 يسجل المتتبع للوضع الصحفي بالمغرب مفارقة بالغة الدلالة، ففي الوقت الذي تتعدد فيه المنابر الصحفية ويتم الخوض في الكثير من القضايا التي كانت إلى وقت قريب ضمن المحرمات السياسية، تقدم تقارير الرصد أحكاما تشكك في مدى تمتع الصحافة المغربية بالحرية المطلوبة وتخلصها من القيود المفروضة على الصحافيين، وهو ما أدى إلى تباين التقييمات التي كثيرا ماتدفع المسؤولين إلى التشكيك في صدقية التقارير وموضوعيتها. فقدصنفت منظمة بيت الحرية "فريدم هاوس" المغرب ، ضمن الدول التي تنعدم فيها الحرية الصحافية، وذلك في تقريرها السنوي بشأن "تصنيف الحرية الصحافية في دول العالم للعام 2009".ومنحت المنظمة المغرب المرتبة 140 في مستوى حرية الإعلام على مستوى العالم، متراجعا عن المرتبة 138 التي كان يحتلها في تقرير العام الماضي ، وأكد التقرير  أن المغرب سجل تراجعا خلال السنوات العشر الماضية في مؤشر حرية الصحافة ، حيث أصبح يصنف في خانة الدول التي لا تتوفر فيها حرية الإعلام خلال العام الجاري  2009.
 وفي تقريرها الذي يغطي الفترة الممتدةما  بين 3 ماي 2008 و 3 ماي 2009، انتهى تقرير النقابة الوطنية للصحافة المغربية إلى الخلاصة نفسها، فقد سجل  مفارقة اتساع رقعة حرية التعبير بسبب التطور الحاصل وطنيا و دوليا من جهة ، والتضييق على هذه الحرية من جهة أخرى، بسبب الهشاشة التي تعني أن السلطة السياسية مازالت قادرة على التحكم في نبض ممارسة حرية الصحافة والإعلام بالشكل الذي تراه ملائما ومنسجما مع توجهاتها. وفي هذا الإطار تم تقديم حالات للاعتداء على الصحافيين وترهيبهم مع مايخلفه ذلك من أثار نفسية وجسدية واجتماعية، كما انتقد التقرير قانـون الصحافـة مشيرا إلى أن مشروع إصلاح قانون الصحافة المعمول به حاليا يراوح مكانه، رغم كل الجهود التي بُذلت من أجل التوصل إلى اتفاق، ورغم كل الوعود التي قُدمت في هذا الشأن. وتم تسجيل الملاحظة نفسها بصدد العقوبات السالبة للحرية، الواردة في قانون الصحافة، والتي أصبح من الصعوبة تطبيقها، بالنسبة لكل الدول. حيث لم يعد مقبولا نهائيا، على المستوى العالمي، سجن الصحافيين بسبب ممارستهم لمهنتهم.  وطالب التقرير بضرورة مراجعة هذا القانون في ضوء التطورات الوطنية والدولية الحاصلة.
 من ناحية أخرى وجهت النقابة انتقادات للممارسة الصحفية بالمغرب خاصة أخلاقيات المهنة، مؤكدة أن  الوضع يزداد تفاقما ، بسبب بعض الصحفيين، الذين لا يكتفون بممارسات مشينة من قبيل السب والقذف ونشر أخبار كاذبة وتشويه سمعة الناس، بل إنهم يهاجمون كل من انتقدهم وطالبهم باحترام الأخلاقيات. وأثار التقرير الانتباه إلى مخاطرالتحالف بين الصحافة المكتوبة و تحالف المجموعات المالية مع المصالح السياسية السائدة. مما ينذر بكثير من التمركز، وبالضغط القوي على مهنة الصحافة لتصبح خاضعة أكثر لتوجيه المالكين.  وذكر التقرير بوظائف الصحافة القائمة على المصداقية في أدائها باعتبار ذلك هو الرهان الذي يجعلها قادرة على القيام بالدور الذي ينتظره منها المجتمع. ، سواء على مستوى ضمان المشاركة المدنية أو على مستوى المساهمة في التنمية.وقد كان من اللافت في هذا التقرير التأكيد على المساندة القوية من المجتمع المدني ومن الرأي العام للصحافة، حيث أصبح متجاوبا أكثر فأكثر مع الالتزام الاجتماعي للصحافة الحرص على حريتها. في مقابل هذه التقييمات تقدم الجهات الرسمية تصوراتها لما تعتبره تصورها لحرية الصحافة من خلال دعوتها الصحفيين بأن "يحصنوا المكتسبات الديمقراطية وأن يعملوا على توسيعها في نطاق احترام الضوابط القانونية " بالنظر إلى أن خدمة قضية الديمقراطية " لا تهم فقط الطبقة السياسية ولا تهم المؤسسات فقط ، بل تهم بالدرجة الأولى الصحفيين". والتأكيد على أن "الرهان الكبير هو أن يتفق الجميع على أننا لا نضع تناقضا أساسيا بين الحرية والديمقراطية من جهة، والوطنية والالتزام " من جهة أخرى،مع  العمل على " إشاعة ما بيداغوجية الديمقراطية وبيداغوجية الحرية".
  إن تباين التقييمات لايرجع إلى طبيعة الجهة التي تصدرها، بل يرجع كذلك إلى تصور كل جهة لوظائف الصحافة وأدوارها. وإن وجود نقاشات ، وإن كانت حادة التباينات، هو مؤشر إيجابي على وجود دينامية تساهم في بناء مجتمع يعرف انتقالا ديمقراطيا ضمن مسار تتخلله منعرجات ومطبات وصراعات.

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire