jeudi 30 septembre 2010

مؤشرات رصد الوضع الصحفي بالمغرب

مؤشرات رصد الوضع الصحفي بالمغرب
جمال بندحمان
 يقع موضوع الصحافة وحريتها في قلب اهتمامات النخب المغربية وإطاراتها السياسية والمدنية ومثقفيها، لأنها مؤشر على مدى نجاعة ما اعتبر مكتسبات ديمقراطية وحقوقية، ومدى رغبة الدولة في توسيع مجال الحريات وحرصها على ضمانها. ولعل ما يؤكد هذا الاهتمام هو التقارير والمواقف التي أصدرتها جمعيات وطنية والآراء التي أبداها مثقفون، أو تلك التي أصدرتها منظمات دولية والتي كثيرا ما تردد صداها في قلب المعادلة الحقوقية، فبالإضافة إلى التقرير الذي أصدرته النقابة الوطنية للصحافة المغربية أصدرت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان بيانا بمناسبة اليوم العالمي للصحافة وصفت فيه الأوضاع العامة للصحافة المغربية بغير الإيجابية. ولعل المشترك بين التقرير والبيان هو التأكيد على وجود تراجع طال الجسم الصحفي بكل مكوناته.
فقد أعرب تقرير النقابة الوطنية للصحافة المغربية عن القلق الشديد بخصوص التوجه العام الذي ساد ممارسة هذه الحرية على مختلف الأصعدة، سواء تعلق الأمر بالصحافة المكتوبة أو القطاع السمعي البصري أو الصحافة الإلكترونية.مما تعكسه العديد من النوازل والأحداث والقضايا، والتي أكدت أنه لا توجد ضمانات حقيقية في ممارسة حرية الصحافة والإعلام في المغرب، بالرغم من وجود قوانين وخطاب رسمي يؤكد التزامه بحرية التعبير وحقوق الإنسان. واعتبرت النقابة أن السلطة مازالت تتعامل مع مجال الصحافة والإعلام، كأداة أساسية لتمرير مخططاتها السياسية، واستراتجيتها في المجتمع، كما أنها شددت التضييق على حرية التعبير بالالتجاء إلى افتعال مشاكل ونزاعات، بل وخلق توترات في المجال السياسي، عبر قمعها لحرية الصحافة وتعريض بعض المؤسسات الصحفية إلى المحاكمة أو الرقابة أو الحجز والمنع.  ولم يكتف التقرير بتقديم خطاب عام، بل رصدر مجموعة مؤشرات للتراجع لخصها في استمرار اللجوء إلى المنع من ممارسة المهنة في حق الصحافيين، وإصدار أحكام مبالغ مالية مبالغ فيها للتعويض عن الضرر في قضايا القذف، و اعتقال الصحافيين في الحراسة النظرية والحبس الاحتياطي، وإصدار أحكام بالسجن في حقهم، ومنع الجرائد والمجلات وإتلاف منشورات خارج نطاق القانون بالإضافة إلى مطالبة أصحاب المطابع بمراقبة مضمون ما يطبعون من منشورات، كما أثار التقرير مسألة القدسية السياسية مؤكدا أن هناك خلطا كبيرا بين القضايا ذات الطابع السياسي ، وتلك التي تدخل في خانة النقد والمساءلة والإشكالات التي تمس الجانب الشخصي، واعتبر التقريرأن استعمال الأخلاق والدين يعد مؤشرا آخر على هذا التراجع،  حيث تم  اللجوء في بعض  الحالات لمتابعة أو منع الصحف التي قد تكون تجاوزت "الخطوط الحمراء" المرسومة في ما يتعلق بالمقدس السياسي. كما أن إشكالية استقلالية القضاء و تبعيته للسلطة يشكل عائقا كبيرا أمام أي تطور في ممارسة حرية الصحافة، مما يجعل أي إصلاح مستحيلا، ما دامت هناك محاكم تصدر أحكاما بالمنع من ممارسة المهنة أو بغرامات وتعويضات مالية كبيرة، بالإضافة إلى عدم احترام المساطر والنصوص القانونية، وقد أفضى كل ذلك إلى نقاش غير سليم برفعه شعار المسؤولية في مقابل الحرية، إضافة إلى ماسبق شدد التقرير على مؤشر الحق في الخبر حيث تؤكد الممارسة الملموسة اليوم أن السلطة وأطراف متعددة ذات مصالح معينة تستعمل المعطيات والمعلومة لخدمة أغراضها حيث تسربها بالشكل الذي يناسب أغراضها، مما يشوه الحقائق ويوجه الرأي العام بشكل خاطئ. وانتقد التقرير هيمنة الدولة على القطاع السمعي البصري، فرغم كل الإجراءات والتشريعات القانونية التي تم اتخاذها في مجال رفع احتكار الدولة عن القطاع السمعي البصري، وتحرير وإنشاء محطات وإذاعات خاصة، وتغيير الوضع القانوني للإذاعة والتلفزة الوطنية، إلا أن الوضع العام للأداء في هذا القطاع وصورته السياسية لم تعرف تغييرا جذريا.    ولم تكتف النقابة برصد مؤشرات التراجع، بل قدمت مجموعة من المطالب تتمثل في إلغاء العقوبات السالبة للحرية في كل مقتضيات قانون الصحافة، و رفض أي ربط بين المقدس والسياسي، والتنصيص على احترام كرامة الأشخاص، كيفما كان مواقعهم، كمبدأ أساسي. و ضرورة تناسب التعويض عن الضرر في قضايا القذف مع حجم الأضرار التي لحقت بالشخص أو الأشخاص المعنيين، وضرورة اعتماد قانون الصحافة في كل القضايا المتعلقة بجنح النشر، واستبعاد كلي لعقوبة المنع من ممارسة المهنة. و تقوية الضمانات الدستورية لاستقلال القضاء، وإصلاح هذه السلطة في اتجاه جعلها غير خاضعة لأي تدخل، كيفما كان نوعه، من طرف السلطة التنفيذية. وتكاد هذه المطالب ومؤشرات الرصد تتكرر في تقرير الجمعية المغربية لحقوق الإنسان الذي أشار إلى المضايقات والمتابعات والمحاكمات غير العادلة التي تعرض لها الصحفيون و الاستمرار في توظيف القضاء من طرف الدولة والاحتكار المستمر للإعلام العمومي من طرف الدولة للحيلولة دون أن يلعب الأدوار المنوطة به، والاستمرار في تجاهل مطالب النقابة الوطنية للصحافة المغربية والهيآت الحقوقية بشأن دمقرطة قانون الصحافة.

                   المرصد الديمقراطي ، السنة الثالثة ،ع 3، 2008

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire